الأحد، 3 يونيو 2012

لأنهم أوثق من الحقيقة ! شهيد عيان ..







شهيـــد عيـــــان : 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وصلتنا القصة من الشهيد " فيصــــــــل عـــــــدي "!

وصلتنا في الذكرى الأولى لمجزرة أطفال الحرية .. يروي لنا الشهيد فيقول :

خرجنا و ككل جمعة من كل المساجد واتجهنا لساحة العاصي , حاملين الورود و أغصان الزيتون ..
لم نكن مسلحين إلا بهتافات الحق و الحرية و الكرامة ..
وفجأة وفي لحظة موتٍ مباغتة , صبّت السماء علينا حمم الرصاص من كل حدب وصوب , لم نعد ندري من أين يأتي الموت !
كلنا كان يركض في أي اتجاه يراه دون تحديد ، وكأنه يوم القيامة ذاته !!
الجرحى بالعشرات يتساقطون , والشهداء كذلك ..
كان الأمن قد سدّ كل الطرق الفرعية " السقاقات " التي يمكن أن نحتمي بها ..
وحده طريق السماء كان مفتوحا ..!
ووحده الدم من عرف طريقه وسال دون حواجز !!

كنتُ أسعف الجرحى , و أحاول نقلهم بأي وسيلة تقع عليها يداي , " موتور , بسكليت , تاكسي , هوندا .. أي وسيلة كانت ,,
كان بقربي شاب , يركض عندما فجأة سمعت صوت رصاصتين ورأيتهما ثم شعرتُ بثقلٍ ما على جسمي ! نظرتُ لنفسي و للشاب , وإذا برصاصةٍ تقتله , و أخرى تمزق جلد كفي !
حاولت أن أحمل الشاب و ما اهتمتتُ لإصابتي , سحبته على الأرض ثم نقلته سيارة لمشفى ما ..

كنتُ ما زلتُ أمسك جوالي , وأوثق و أصور .. حين رأيتُ طفلا لم يتجاوز ال 15 من عمره ملثمٌ لكن جزءا من أمعائه قد خرج من بطنه ، لكنه عندما رأى الجوال ,
قال لي بالحرف " مشان الله يا عمو لا تصور وشي " ,, أمسكته ووضعت على " موتور , ثم عدتُ أصور و أسعف !!

رجلٌ أربعيني .. أمامي يحتضر , كان الدّم يخرج من فمه و أنفه حتى من عينه ! حملته مع آخرين ووضعناه بـ " سوزوكي " ليلفظ أنفاسه الأخيرة و يستشهد ! ..

بعد أن انتهينا من حمل الجرحى و الشهداء , توجهتُ لأقرب المشافي لأتبرع بالدم لكنّهم أخبروني بنقص الأدوية وطلبوا مني إحضار وجمع ما يمكنني جمعه " قطن , شاش , إبر كزاز , معقمات .. أي شيء للإسعاف !
فركبتُ خلف صديقٍ حر على دراجته ،جمعنا ما استطعنا جمعه ثم أوصلناه للمشفى ..

رأيتُ و صورتُ كثيــــــرا .. لكن حقاً كان يوم الأطفال هذا موجعا لدرجةٍ جعلتني أكره استذكاره , وقصّ سيره أو مشاهدة مقطع فيديو يروي عنه شيئا ..

كان ألمُ الرصاصةِ التي مزَّقَت جلدي غير محتمل " كانت تنئ نئ لقلبي " لكني ما شعرتُ بألمها إلا بعد إنتهاء يوم الموت ذاك !

للمرة الأولى أعلمُ أنه من الممكن أن يكون
( ألم " الرؤيا " أشدُّ من ألم الجرح ) !

كان يوماً صعباً , أصعبُ من يومِ استشهادي نفسه ! ..

هكذا عايشتُ جمعة أطفال الحرية , وهذا بعضٌ مما حدث ورأيت ,
أحببتُ أن أقصها عليكم .. فترحموا عليّ وعلى شهداءِ تلك الجمعة .. و ادعوا لنا بالقَبول .. 








أخوكم الشهيد : فيصل عدي ..
ملاحظة : الراوي صديقٌ للشهيد كان معه ويعرف كل ما حدث ..



4 / 6 / 2012 م .. 5 فجرا