الخميس، 27 ديسمبر 2012

حلفايا .. مجزرة الضمائر الخاوية ..








أكان الصاروخ جائعا كأفئدتهم ؟! أم أن الطيار هو الجائع فأرسله يحملُ له قلب الخبز المغمس بالصغار !
وإن كان الصاروخ جائعا ، فما هو ذاك الذي قصده للشبع ؟ الدّم أم الخبز !
و ما الذي شده أكثر ؟! سخونة الأرغفة أم لظى القلوب الجائعة !
أيامٌ عدة و " حلفايا " دون الخبز ، يخوض أهلها قسرا " معركة البطون الخاوية "!
ليس كفلسطينيين يتحدون العدو، بل كمواطنين تحدوا المحتل !
كثيرا ما تساءلت: ترى ما الشيء الذي شدّ مئة إنسان لمقابلة حتوفهم بطابور منظّم راقي بكل تلك الأناقة و الخشوع !
الخبز!، التماس الدفء من نار الأفران !، أم هيبة الموت القادم !
هل ناداهم ملَك الموت فتهيؤوا و لبّوا ؟!
وهل لملك الموت صوتٌ طروبٌ أغراهم ؟!






ترى ..
كانوا جوعى للحياة ، فأكلهُمٌ الموت ! أم جوعى للأرض ، فأشربوها من ينابيع شرايينهم المتفجرة !
حلفايا ..
أجيبي ، قولي لصغيركِ أن يقصّ علينا أحداث الموت بصاروخٍ جائع !
اسأليه ..
هل كان الخبزُ ساخنا حدّ التفجُّر ؟!
أم كانوا جوعى و الخبز مفخخ ؟!








يا أُمَّةَ اللهِ ..
بحق الله لمَ تقصف الأرغفة ؟!
هل صاحت هي الأخرى : " الخبز بدّو حرية ".. فاستهدفوها !!
يا أُمَّةً وحدّت ولم تتوحد .. رددي على أسماع الصواريخ و الطيارين و القادة ما هتفناه قبلا ..
يا بثينة
يا بشار
يا طيّار
ويا ثعبان الشعب السوري مو جوعان ..

 

_ حلفايا، مجزرة الضمائر الخاوية _



2012/12/26 .. 3:00 صباحا

الجمعة، 3 أغسطس 2012

اذكروني يوم النصر بالزغاريد ..







كان هناك ..
 في تلك البقعة من الوطن حين عانقه أول مرة بهتاف
كان قد خبأ منذ عقود حبا جارفا لم يفصح عنه ,
كان شديد الفرح , وهو يسبُّ ! , وكان شديد الحزن حين يضطر للسكوت !

أحبّها حبّا عذريا , طاهرا ,
يغار عليها عن بعد وهو يتألم لعجزه أمام مغتصبيها !
لم يكن قليل شرف ولا عديم ناموس , بل كان عاشقا خائر القوى ..
عاشقٌ يعلم حقيقة ضعفه و أن يده وحدها لا تصفق ،
يرقبها عن بعدٍ و حسرة وينتظر ..
انتظر طويلا ثورة محبيها و عشاقها الآخرين  .. انتظرهم عمره كله
انتظرهم منذ الرصاصة التي قتلت والده
منذ قطرة الدم الأولى التي أعطته لقب " يتيم "
رصاصةٌ في ثورة منسية في فضاءات من السكوت ,
لم يكفها يتمه من أرضه , وأصرّت أن يُتِم يتمه من أبيه ..

ثار في 8 / 4 / 2011 ..
لم تأخذ ثورته ذاك التدرج في الانتقال من متفرج لمتظاهر لمصور لـ .. لـ .. لـ ...
كانت كل ذاك في ذات الوقت .. تظاهر مصورا و هاتفا و هتّيفا في آن ..!

أذكر أننا كنا معا و كتفي بكتفه وكنا نهتف خلف شخص ما ونردد " يا حيف حماة ياحيف , شعبك واقف ع الرصيف "
حين ركض فجأة و أمسك مكبرالصوت من الشاب و هتف " يا بشار ويا ديّوس , على راسك بدنا ندوس "
هتفها ملأ قلبه , ملأ قناعته و مبتغى حلمه ..
كنتُ أسمع هذا الهتاف لأول مرة , و أظن أنه هو من ألّفَه قبل أن ينتشر بعدها في كلّ سوريا !
لم يكن ملثّما حينها , ونسيّ نفسه , فبات مطلوبا ,
بل أنّ اسمه أصبح الرقم واحد على لوائح الاعتقالات !,
 والأمن في كل مرة يدهمنا فيها يسأل : " مين هاد أبو جميل ؟ وين منلاقيه ؟ "

أذكرها مرّة ذهبت معه فيها لنبارك بالإفراج عن أصدقاء لنا كانوا معتقلين ..
كان الشهيد فيصل يحضن احدهم حين قال له : تاني شخص سألوني عنو هو انت , دير بالك ع حالك
فضحك الشهيد و لم يعبأ كعادته !

شهرٌ وشهرٌ و آخر و بدأت مليونيات العاصي , و كان فيصل قد انتقل خلال هذي الاشهر من متظاهر ثائر إلى منظم و مشرفٍ ومنسق .. وصانع مشانق

أشرف في شهر 7 على حواجز حماة
أشرف في جمعة " أحفاد خالد " على ذاك العلم البشري المنظم في ساحة العاصي
أشرف على خطِّ اللافتات التي رفعت على ساعة حماة
و أسهم بما استطاع , بالمطالبة بالإفراج عن معتقلي حماة حينها
أسهم بحماية المشافي " دون أن يكون له سلاح إلا جسده  " و أسهم بإسعاف مصابي المظاهرات
أسهم بنقل الأدوية وجمعها من هنا وهناك ,
أسهم و أسهم و أسهم ونظم ..
في آخر جمعة تظاهر فيها الحمويون في ساحة العاصي قبل دخول الجيش .. رٌفِعَ مجسّمٌ خشبي لبشار الاسد بجناحين مشنوقا
رُفِعَ على ساعة حماة , لم ينل نصيبه من التصوير و الاعلام ,, كان الشهيد فيصل من نحته و شنق بشار ..

كان  " ثورة " وحده !
كنا نوقظه في الثامنة صباحا ولا نتركه إلا في الرابعة فجرا , و كلّما استجد أمر معنا هاتفناه و طلبناه فوجدناه كما عادته حاضرا..

إيــــــــــــــه  ..

31 / 7 / 2011 .. دخل الجيش , و خرجت من بنادقهم أربعة رصاصات
استقرت كلها في جسمه وحده ..
ابتسم
أسعفوه
خدّروه
نوى الصيام
صام
ابتسم
استشهد ...

لم يتثنَّ له أن يدوس على رأس بشار كما هتف
لكننا واللــــــــــــه يا فيصل .. سندوسُ وندوسُ وندوسْ ، و ..

سنذكرك يوم النصر بالزغاريد  ،!










2012/8/2 م  .. 

رسائل حنين ..،













_ لأن نفْسَكَ كانت حرة , لم ترضَ أن تعود لجحر الذل من جديد ..
عشت معنا أيام حرية لن ننساها , ثم مضيت مع أول يوم للاحتلال إلى هناك , إلى فردوسك
 حيث الحرية المطلقة ..

_ حزمة الإصلاحات التي وعد بها بشار , لم تمر إلا في قلبك ..
وفي صدرك مرّت إصلاحات الأسد !!


_ من أين أتيت بكل تلك القوة وقد جئت الدنيا مثلنا دون ضجيج لترحل بكل ذاك الصخب الذي مازال مستمرا منذ عام ..
لم تكن عاديّا ,,
 بل نحن من كنا بسطاء لدرجة أن سوّينا أنفسنا بك !


_ حرمونا حتى زيارتك في القبور ..
لربما يظنون أن تواصلنا له حدودٌ تقطعه حواجزهم !
ألم يعلموا أنك ما زلت فينا ..
ضحكتك مازال صداها , و بسمتك و أنت شهيد وحدها من تجعلني أواصلْ طالبا مصيرا حلوا كالذي اختصك الله به..


_ في بداية الثورة كنت تعلم حماسي لها و تعطشي لصورة فيها إذلال لبشار أو حافظ , أذكر جيدا تلك الصور التي كنت تحتفظ بها على جوالك الخاص و تأتيني متقصدا , تريني إياها , وحين أطلب نقلها منك تضحك و تمسحها أمام عيني مجاكرا و عيونك ترقص من لذة خفية علمت ماهي يوم ارتقيتَ لعليين ..
لك والله اشتقت لمقالبك يا أبو جميل !

_ رحلت عنا أولى ليالي رمضان , كان المفترض أن يكون القمر هلالاً مازال .. إلا يومها ..
كان هلالاً في السماء , وكنتَ بدراً ضاحكاً نال حتفه المثير ..

_ في حماة نصبٌ قديم لجندي مجهول .. نعرف النصبْ ، و نرى عنده خوذةً بلا جندي ..
عرفتُ الجندي المجهول ذاك حين ابتسمتَ أنت  للشهادة و عانقتَ ثرى الوطن ..
وعرفتُ أنه أقيم لأجلك لكن ..
قبل موتك بعقود !

_ عرفتك عاديّا بسيطا محبا للحياة و المرح , لم أكن أعرف أنّي في حضرة شهيد .. و أنّ ذاك الألَقَ المترامي في مساحات عينيك لم يكن سوى شعاع فجر اقترب , ونور الحرية الأبدية التي وهبت لك ..!

_ لما كنت معك بالصف ونحنا صغار كنت فكرك انسان عادي ، بس طلعت بطل..
يرحم البطن اللي حملك شهيد ابن شهيد
مبروك عليك الشهادة أبو جميل ،
لا تفكر أنوا نسيناك والله أنت بالقلب وعلى دربك سايريين للحرية بإذن الله
الله يرحمك ياغالــــــــــــــــــــــــــــــــــي
 ..


_ مرّت سنة ..
مازلتُ موقنا بعودتك .. أنتظرك كل فجر ..
أحادثك كل يوم .. أسألك عن تفاصيل العمل الثوري مع كل مداهمة للأمن ..
لكنك من سنة لا تجيب !
لا تدمن الصمت ..
أعلَمُ يقينا أنك حيّ ,  يرزُقُكَ الله من حيث لا تحتسب !
لا زلتُ أرقبُ عودتك , مؤكدٌ سألقاكَ يوم النصر في ساحة العاصي ..!

_ أذكرك رقيبا عليَّ في الجيش ..
كأنه الأمس , ظرافتك ، نخوتك , شهامتك , فزعتك لحمايتنا و تغطية أخطائنا و منعنا من العقاب لا أنساها ... ولا أنساك !


_ لم يكن ينقصك مالٌ لتثور
كان ينقصك الهواء .. كنت تريد فقط أن تتنفس ،
 وهم أدركوا جيدا خطورة التنفس عندما يبدأ هواية ويتحول فجأة إلى مبدأ .. فقتلوك !!


_ أطفالُ درعا الذين حَمَّلُونا أمانة الطفولة , يترنحون اليوم بين العزة والدماء !
ليسوا وحدهم اليوم ، قد كثُرت أطيار الجنة !
أولئك الأطفال الذين ولدوا غرباء عن العالم , والذين فزِعتَ لطفولتهم المبتورة , ما زالوا ينزفون .. ومازالت طفولتهم مصلوبة على نصال السكاكين ..


_ ذاك السطرُ في تلك القناة التي بثت وداعك على سرير الحياة الآبدية
حروفه لليوم أراها : مشهد مؤثر لامرأة من حماة تودع زوجها الذي قتلته قوات الأسد
وعدٌ عاهدت الله فيه ..
أن أقاوم حتى اللحظة التي يغطي الشاشة ذاتها في القناة ذاتها خبر هلاك بشار ويقولون فيه : مشهد مؤثر لزغاريد النصر في ساحات سوريا  ..
سأردُّ الدين أبا جميل سأردّه و ..




’’ سأذكرك يوم النصر بالزغاريد ،،










2012/8/2 م .. 







الأحد، 3 يونيو 2012

لأنهم أوثق من الحقيقة ! شهيد عيان ..







شهيـــد عيـــــان : 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وصلتنا القصة من الشهيد " فيصــــــــل عـــــــدي "!

وصلتنا في الذكرى الأولى لمجزرة أطفال الحرية .. يروي لنا الشهيد فيقول :

خرجنا و ككل جمعة من كل المساجد واتجهنا لساحة العاصي , حاملين الورود و أغصان الزيتون ..
لم نكن مسلحين إلا بهتافات الحق و الحرية و الكرامة ..
وفجأة وفي لحظة موتٍ مباغتة , صبّت السماء علينا حمم الرصاص من كل حدب وصوب , لم نعد ندري من أين يأتي الموت !
كلنا كان يركض في أي اتجاه يراه دون تحديد ، وكأنه يوم القيامة ذاته !!
الجرحى بالعشرات يتساقطون , والشهداء كذلك ..
كان الأمن قد سدّ كل الطرق الفرعية " السقاقات " التي يمكن أن نحتمي بها ..
وحده طريق السماء كان مفتوحا ..!
ووحده الدم من عرف طريقه وسال دون حواجز !!

كنتُ أسعف الجرحى , و أحاول نقلهم بأي وسيلة تقع عليها يداي , " موتور , بسكليت , تاكسي , هوندا .. أي وسيلة كانت ,,
كان بقربي شاب , يركض عندما فجأة سمعت صوت رصاصتين ورأيتهما ثم شعرتُ بثقلٍ ما على جسمي ! نظرتُ لنفسي و للشاب , وإذا برصاصةٍ تقتله , و أخرى تمزق جلد كفي !
حاولت أن أحمل الشاب و ما اهتمتتُ لإصابتي , سحبته على الأرض ثم نقلته سيارة لمشفى ما ..

كنتُ ما زلتُ أمسك جوالي , وأوثق و أصور .. حين رأيتُ طفلا لم يتجاوز ال 15 من عمره ملثمٌ لكن جزءا من أمعائه قد خرج من بطنه ، لكنه عندما رأى الجوال ,
قال لي بالحرف " مشان الله يا عمو لا تصور وشي " ,, أمسكته ووضعت على " موتور , ثم عدتُ أصور و أسعف !!

رجلٌ أربعيني .. أمامي يحتضر , كان الدّم يخرج من فمه و أنفه حتى من عينه ! حملته مع آخرين ووضعناه بـ " سوزوكي " ليلفظ أنفاسه الأخيرة و يستشهد ! ..

بعد أن انتهينا من حمل الجرحى و الشهداء , توجهتُ لأقرب المشافي لأتبرع بالدم لكنّهم أخبروني بنقص الأدوية وطلبوا مني إحضار وجمع ما يمكنني جمعه " قطن , شاش , إبر كزاز , معقمات .. أي شيء للإسعاف !
فركبتُ خلف صديقٍ حر على دراجته ،جمعنا ما استطعنا جمعه ثم أوصلناه للمشفى ..

رأيتُ و صورتُ كثيــــــرا .. لكن حقاً كان يوم الأطفال هذا موجعا لدرجةٍ جعلتني أكره استذكاره , وقصّ سيره أو مشاهدة مقطع فيديو يروي عنه شيئا ..

كان ألمُ الرصاصةِ التي مزَّقَت جلدي غير محتمل " كانت تنئ نئ لقلبي " لكني ما شعرتُ بألمها إلا بعد إنتهاء يوم الموت ذاك !

للمرة الأولى أعلمُ أنه من الممكن أن يكون
( ألم " الرؤيا " أشدُّ من ألم الجرح ) !

كان يوماً صعباً , أصعبُ من يومِ استشهادي نفسه ! ..

هكذا عايشتُ جمعة أطفال الحرية , وهذا بعضٌ مما حدث ورأيت ,
أحببتُ أن أقصها عليكم .. فترحموا عليّ وعلى شهداءِ تلك الجمعة .. و ادعوا لنا بالقَبول .. 








أخوكم الشهيد : فيصل عدي ..
ملاحظة : الراوي صديقٌ للشهيد كان معه ويعرف كل ما حدث ..



4 / 6 / 2012 م .. 5 فجرا 

الأحد، 27 مايو 2012

اسأل التاريخ ،!















كيف إن ناطح القزم عملاقا يزداد قزامة مع تطاول العملاق ؟
هكذا حماة و هكذا غباء البعث والأسد معها 


اعلم يا أسد أننا ما خرجنا في الـ 63 لنستكين
وما اعتقلنا في الـ 78 لنتراجع
وما أُبِدْنا في الـ 82 لنصمت ونذل !

ثورتنا بدأناها قبـــلا .. !

 فلم ننتظر شرارة درعا , ولا فداء حمص ولا اشتعالات إدلب ..
كنا دوما ثائرين , ومن به طباع الحرية لا يركع !

لا تناطحنـــا .. !

قد خَبِرَ أبوكَ عنادَنا ، و إن أردت التجريب فتعال ..

ولتعلم أننا باقون ما دارت الناعورة , وعصى العاصي و صدحت المئذنة ولبّى الفداء
 

باقــــــــون .. !
في الحناجر
 في الساحات في اللافتات
 في دقات الساعة في أيام الشهور
في القمح في السنابل في الكروم
في حبات العنبِ في التوت
في الاغتراب و الوطن
في السكين والبندقية ، في السلام !
في العلقم في الحنظل في السُّمْ
في التعويذة والدعاء
في المرض والصحة والفناء
في الأغاني و الهتاف و البكاء
في الخريف و الربيع في الشتاء ..

 فوق الأرض ، باقون تحتها ..!
باقون ما صدَحَ بلال و عدَلَ الصدّيق و فزِعَ عمر و حكمَ عليّ ،
باقون ما بقي التشهّد .. و كبّر المسلمون ..

و " أنا حمــــوي و اسأل التاريخ عني




 .. تمتمات ناعورة 
27 / 5 / 2012 م .. 10:47 صباحا 



الخميس، 24 مايو 2012

حراك حماه.. ومحاولة الخروج من الإرث المر














طارق العبد ..

عندما يُذكر اسم حماه، يتبادر إلى أذهان السوريين أيام الرصاص والحديد خلال الثمانينيات، يوم شهدت مدينة النواعير معارك عنيفة بين الجيش السوري وجماعة «الإخوان المسلمين» التي تمركز معظم قادتها وأنصارها فيها. 

بعد ثلاثين عاماً، لم ينس الحمويون الجرح الغائر الذي خلّفه الحصرم الثمانيني، غير ان الأهالي لا يترددون في تأكيد «سلمية» حراكهم الحالي وأحقية مطالبهم، محاولين الابتعاد عن ظل «الإخوان» الذي لا يزال يلاحقهم، بعد أشهر طويلة من العمليات الأمنية التي تشهدها البلاد والتي حوّلت مدينة أبي الفداء الى ساحة حرب أجبرت الكثير من أبنائها على النزوح الى ادلب او حمص .. حيث التوتر سائد ايضاً.
تفرق الناس بين العاصمة دمشق وباقي المدن فيما بقي عشّاق العاصي في أماكنهم. لكن الوصول للنشطاء من حماه كان صعباً في كل الأحوال، خصوصاً داخل المدينة التي تعيش على وقع هدوء ما قبل العاصفة او حتى ما بعدها، حيث إطلاق الرصاص يتردد في بعض الأوقات فيما تسود بعض الشوارع إضرابات وقطع طرق ومناشير مقابل شوارع أخرى تبدو الحياة فيها أكثر هدوءاً. 

اللافت أن يقرّ نشطاء حماه المعارضون بحقيقة المسيرات المؤيدة للنظام السوري والتي تخرج لتهتف للرئيس بشار الأسد، غير أنهم لا يترددون في المقابل في لوم النظام معيشياً. ويقول أحمد، ناشط في الحراك الشعبي، «لنكن واقعيين، هم قادرون على فتح كل محال حماه وإرغام الأهالي على العمل. أما سوق المدينة، فيشهد غلاء لا حدود له». ويضيف احد أبناء المنطقة معلقاً: «الخبز والبصل والطماطم والليمون.. هي أساسيات مطبخنا، والآن أصبحت ترفاً بسبب أسعارهم». 

تعددية حماه ..
 
من داخل السيارة التي تجول بنا في شوارع حماه وأزقتها الضيقة او المهدّمة والتي تعيش هدوءاً حذراً، يمكن رصد بعض المظاهر التي يعيشها أبناء مدينة النواعير. يخبرنا مرافقنا أن «حراك حماه لحق بحراك درعا وحمص وبانياس.. وكما نراه فقد جاء في الوقت الأنسب. فلم يكن متوقعاً أن يكون حراك المدينة بهذه السرعة وبهذا الحجم كونها تحمل إرثاً هائلاً من الألم والخوف عمره ثلاثون عاماً». ويضيف مرافقنا «بدايات الحراك كانت من مسجد عمر ابن الخطاب وعلى يد مجموعة من الشباب الذين دخلوا إلى المسجد ونادوا بالتكبير في نهاية الصلاة آملين أن تدفع النخوة المتواجدين إلى مشاركتهم تحركهم.. وهكذا حصل. اتسعت رقعة الحراك ببطء، لكن بشكل ملحوظ حتى طالت منطقة السوق. وبعد سقوط أول قتيل في حماه، تضاعفت أعداد المشاركين بسرعة حتى وصلت إلى العدد الذي قدَر بـ500 ألف متظاهر اجتمعوا في ساحة العاصي»...
 
يستقبلنا أنس، شاب ناشط من قلب حماه، ليشرح لنا مع رفاقه عن أسرار المنطقة التي «ظلمها الإعلام» بحسب قول رفاقه، «فحماه أكثر المدن اشتعالاً وتلامساً طائفياً وتطلعاً لسوريا المستقبل». مقدمة تشجعنا لفتح أبواب الحديث عن المجريات، فنسأله عن رؤيته للبلاد. يقول انس «سوريا الجديدة... عبارة عن سفينة تبحر في بحر الكرامة المفقودة ... ويعيش أهلها بحرية.. لن نضطر لدفع 25 ليرة لشرطي ولن نضطر إلى دفع مبلغ ما لتسيير معاملة في شعبة التجنيد». وعن حماة في العقود القديمة، يتحدث أنس بحماس «كنا نتعامل مع الجميع بدون حتى التفكير بهويتهم الدينية. كان العلوي يسهر مع السنّي، ويمضي المسيحي أوقاته مع الاثنين، وإلى الآن توجد أحياء داخل حماه فيها طوائف واديان مختلفة، وحي المدينة أكبر مثال على ذلك»... نعيده إلى مسألة الطائفية فيشرح ورفاقه الألوان المختلفة في حماه، لتبدو صورة لا تشبه غيرها من المدن. وهنا يحدد الرجل كلامه عن الطائفة العلوية «الموجودة قبل مجيء النظام ولا ذنب لها بما قام به النظام...». 

حماه ليست حمص ..

ينطلق الحوار مع نشطاء «الثورة» بالطمأنة. هم معنا اذاً نحن في أمان نسبي. نسأل عن حال «الثورة» السلمية والاتجاه نحو «العسكرة»، فتتحدث شابة ناشطة بثقة عن حماه «النموذج الأوضح لسلمية الثورة.. وربما لذلك عانت من قمع الطرفين. فقمع السلطة جاء بعدما احتشد نصف مليون متظاهر في ساحة العاصي وسط المدينة وتظاهروا بكل سلمية داعين لإسقاط النظام إضافة لصوت مغني الثورة إبراهيم قاشوش. بالطبع أزعج الأمر نظام الشام. فعين محافظاً جديداً افتتح عهده باعتقال قاشوش ورمى جثته بطريقة وحشية، لتبدأ عندها مرحلة التشدد الأمني ثم دخول الجيش».
 
بدوره، يقول أنس إن حماه «من أكثر المدن التي التزمت الخيار السلمي وهي آخر مدينة حملت السلاح. لكن الظروف اجبرتها على ذلك». ويلفت إلى أن وضع حماه مغاير لحمص.. ولا تصح المقارنة فحي بابا عمرو قد يساوي نصف حماه أو أكثر». ويضيف «علماً أننا نريد إسقاط النظام اليوم قبل الغد (سلمياً)، لكن يبقى خيار العسكرة وارد انما مؤلم...
 أفضل الحلول أوسطها، الجميع سلمي، والمظاهرات سلمية. قطع الطرقات ووضع ملصقات لصور الشهداء ما هو إلا إثبات على المضي في الخيار السلمي». أما بالنسبة للجيش الحرّ، فيعتقد أنس أن تواجده «دافع أساسي لاستمرار السلمية وهي نقطة لا تحتاج للخوض فيها كثيراً لأنها باتت معروفة وهي كالخطين المتوازيين فالحراك السلمي إضافة للعسكري كان لهما دور في إضراب الكرامة الذي شهدته حماه قبل ستة أشهر تقريباً. فعند لصق المنشورات تحتاج إلى حماية .. وعند التحرك لتوزيع بعض المعونات تحتاج لحماية، وبالتالي يمكن القول إن الجيش الحرّ أضاف للثورة ولم ينقص منها شيئاً».
اما زميل أنس، الطبيب الجراح هادي، فيعقّب على دور الجيش الحرّ، معتبراً أن «مهمة عناصره تقتصر معظم الوقت على حماية المدنيين أثناء التظاهر والحد من أضرار عمليات المداهمة والاعتقال التي تقوم بها القوى الأمنية بمساندة الجيش النظامي».
يميل شارع حماه حالياً بحسب موظف معارض رفض الكشف عن اسمه، الى القول «يبدو أن النظام نجح في وضعنا في الخندق.. بالتأكيد لا نتمنى إراقة المزيد من الدم السوري ولا نحلم إلا بيوم لا نسمع فيه طلقات الرصاص في سمائنا. مع ذلك، أن الحراك السلمي في حماة مستمر ولم يتوقف لحظة واحدة. التظاهر ورفع أعلام الاستقلال ونظم الأغاني والهتافات وكل ما يندرج تحت تصنيف الحراك السلمي لا يزال يمارس يومياًً». 

 
As-Safir Newspaper - طارق العبد : حراك حماه.. ومحاولة الخروج من الإرث المر

الخميس، 10 مايو 2012

حجّاً مبرورا ..





 

لم يكن يوما للأطفال , ولم تكن دلالاته تخصّ جيلنا !
فمذ ماتت حماة الأم في 82 لم تعد أمهاتنا تلد إلا الرجال ..

خطأٌ أن نسمي جمعة حريتنا هذي يا بابا " أطفال الحرية " فمن هم الأطفال الذين تقصدون ؟
أكان حمزة طفلا ؟!! أم هاجر تلك الملاك, 
أم لعلّكم رأيتم في ثامر " مرسول الطعام " ولدا خرج يلهو ولم يعد ؟!!

ما كانوا أطفالا، ولم يكن همُّهم لُعَبَهم و صبية الحارة و كرات الدَحَل,
و لم يكن همهنّ بِكَلُ الشعر و الأقواس الملونة و عرائس الباربي !,

 كان همهم أكبر من أيامكم، أعظم من أفعالكم، أسمى من أحلامكم، و أمضى من هتافاتكم !
 
لم يكونوا أطفالا، ولن أكون ..
غدا يوم ثأرنا لهاجر و حمزة و عشراتِ أطفالٍ حوصِروا وجُوِّعوا,
 سأخرج معك أبي ..
 سأهتف و أنادي بالثأر، سأقود أنا مظاهرتكم !
منذ اليوم لن أمشي خلف أحد، فجيلنا خُلِق " ليقود " لا لينقاد يا بابا  ..

،،،

حمـــاة 3 / 6 / 2011 م _ جمعة أطفال الحرية ..

اليوم المفصل .. اليوم الذي كانت رصاصاته المبضع الذي نكأ جرحنا الغائر ..
اليوم الذي لا تراجع بعده , ولا نسيان ..

جَرَحَ حمزةُ قلبَ حماة و آلمتْ هاجرُ وجدانها,
قررت تلك المدينة ’’ المقتولة ،، أن تترك جرحها على حاله وكما هو
 في برادات النسيان، و تخرج لتنصر المكلومين وإن غفلوا عن نصرتها ذات مرة ..
 
لبس الحمويون أحذية النسيان و مشوا بكعوبها على جراحهم,
نزفوا من كل حدب وصوب، خرجوا من كل جامعٍ و هتفوا من كل مئذنة !
 
" مئة وخمسون (ألف) " حاجٍّ خرجوا يطوفون حول الحرية,
 سعوا بين الحاضر و السوق، رجموا " إبليس البشر " باللعنات,
لكنهم حين عطشوا لم يجدوا بئر زمزم يرويهم، ففجروا بدمائهم آبارا ...

وقفوا على أعتاب المجد، أطالوا المكث ولهجت أنفسهم بالدعوات,
انتظروا الغروب  وحين لم يأتِ قررت رصاصات الغدر حسم الموقف
ليفيضوا عشرات عشرات إلى الجنان .. 
حاملين بأيمانهم أغصان الزيتون و بشمائلهم ورود السلام ..!



تمتمات ناعورة ..
2012/5/11 م .. 3:30 فجرا