السبت، 28 يناير 2012

على أعتاب مدينةٍ .. حيث الذاكرة ! ( 2 )





الإجرام في حماة لا جديد فيه فالمجرم اليوم ابنُ مجرمِ الأمس ,
 و الضحيةُ دوماً ذاتُها _ دماءٌ امتدت من شرايين الآباء لأبهَرِ الأبناء _

تفيق شمس حماة اليوم بعد أن غابت أياما ,
 أياما سوّدَ غيابَها فيه غيمُ الحقد في سماء الرحمات
تفيق الشمس مرسلةً أشعةَ الموتِ الباردة تداعبُ بها جثث الميتين
تقلبُ صفحاتِ وجوههم الباسمةِ بإشراقات نهاراتِ الحريةِ الأبدية

تطيرُ حمامات العاصي مرنَّحَةً ! تجرُّ الدفئ للقتلى ,
توبِّخُ أثوابَ النور
تنادي الصُّمَ في رحاب الأرض
تصيح بكل ما كتمت
يعيد قتلي اليوم سجّاني ‍!

,


تقليبٌ سريعٌ بذاكرةٍ ثلاثيةِ العقودْ ..  شيخوخيةِ الدماء
تتراكضُ صورٌ و تتسابقُ أشلاء
أحاولُ استذكار قصصٍ روتها غُصص أهاليها , فتنهال كرابيج الآلام عصفاً برأسي
و أسياطُ الدموع تبدد كل تركيز

في ذهني ألف قصة وألفٌ لمنحورين ,, فإن قلت إحداها عاتبتني أرواح الباقين
أهرب للمعتقلين أروي ما أخبرني به نَيْرُ السجن و القضبان , فترهبني أسياج المهاجع وقد لُطخت بأنّات التدمريين من أهلي !

أقول لنفسي ابتعدي عن موتٍ و اعتقال و اسردي قصص الملاحقات و الترهيب
فيغصّ الكلام بابن عمي , أبي وعمي وتعاودُ العبرات ديكتاتورية قمعها كما هي دوماً

,





في يوم من أيام شهر الموت ذاك , هجمَ كلابُ سرايا الدفاع مع ذئابٍ من الوحدات الخاصة على حيٍّ من أحياء المدينة المعتقل أهله كرها في البيوت !
دخلوا على البيوت كما دأب الحيوانات لا تعرف للاستئذان طريقا
فتحوا أبواب المنازل على أصحابها و ساقوا الشباب والرجال ممن وجدوا فيها
ومن بين تلك العائلات كانت أسرةٌ من أبٍ و أم وفتياتٍ وشاب
سيق الشاب ووالده مع رجال الحي لساحة من ساحات الموت الباردة
تجمع في الساحة عشراتٌ بل مئاتٌ من الحمويين رجالا , شبابا و فتيانا
وبدأت مسرحية التعذيب ..
وفتحت الكرابيج ستارة البدء ,, فانهالت على الأجساد الغضة و القوية
الفتية والكهلة !
وتفنن الجناة باتقان أدوارهم حدّ القتلِ بعذابات السياط
جردوا الأهالي من ثيابهم فلم يغطِ سوءاتهم إلا بضعٌ من قماشٍ لألبسةٍ داخلية !
و تعاون صقيع شباط مع جمر الجنازير على ظهور العزل من المستضعفين !

واعتلت حيوانات البشر قامات الأحرار و ركلت رؤوس الأشراف وداست كرامة الرجال

ضربوا وضربوا وضربوا حتى تعب الضرب و وهن
ثم نعقَ سيدهم وقال :
" كر انت وياه ولا , رايح معد لـ 3 , اللي إسا بيبقى وبشوفوا قدامي بالله لابعتو ع جهنم زحف ولا "

وفعلا .. ما أن وصل العد لرقم اثنين فقط إلا و الأرض خواء .. و الممتهنة إنسانيتهم في مكان حيث اللاوجود
بقيت الساحة وحدها بصراخِ ذراتِ الترابِ ودموع ثيابِ المهانين الراجفين لكن ..

كما عصى العاصي و عَنَّدْ , ركبَ العنادُ رأس ذاك الشاب بطل قصتنا ليرفض ذل السير عارياً تفترس جسده أنيابُ البردِ و ينهشُ في كرامتهِ تعريهِ الفاجر ,
 فعاد ..
عاد لساحة الإهاناتِ تلكَ ذاتها , يسألُ ثيابه .. وبإرادةٍ له كالنواعير لا تفنى وصل فلبِس رداء كرامته من جديد ومضى لأهله يومها ليعود بعد سنة شهيدا !

||//||


حيٌّ آخر يداهمْهُ شبحُ دراكولا الأسد بمافيا موته
يدخلون الحيّ كما يدخل ثور هائج حلبة حتفه ليلاعب لاهٍ أحب استعراض قوته ولو كان الثمن حياة !

يدكّون الأبواب لا يدقونها !!,
 يضربون النساء و الأطفال و يهينون شيب العاجزين !
يدخلون غرفةً فغرفةً فصالة ..
يجدون نساءً قد تحلقوا و التحفوا بالخوف والترقب لموتٍ ما يباغتهن  !
لكن ..
لربما لم يكن مع ذئابِ البشرِ حينها أمرٌ بقتل النائحات , فاكتفوا
بإذلالهنّ و أمرِهِنَّ بالهتافِ لقاتل أزواجهن و ميتم أطفالهن

" كلبة إنتِ وهي : قولوا بالروح بالدم نفديك ياحافظ 10 مرات تشوف !! "

فيصرخنّ بها و كأنهنّ يشهقنّ شهقةَ الموتِ والحياةِ في آن !

يغلقُ عنصرُ الموتِ الباب عليهنّ و يخرج ..
 فتركض الثكالى لتزيل ألحفةَ النومِ عن قامات من بقي من أولادهنّ !
غير مصدقاتٍ أنّ الله أنجاهنّ و من خبؤوا بـ 10 هتافات وحسب ..

||//||



.. و للأحداث بقية
تمتمات ناعورة ..
السبت : 28/1/2012م ,, 12:23 مساء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق