الاثنين، 30 يناير 2012

على أعتاب مدينةٍ .. حيث الذاكرة ! ( 5 )





و كأني بحماة علمت منذا أريد التكلم عنه فاسودت غضبا !
هذي السماء تبكي
و الأرض لا تقوى على مسح الدموع
والغيم الأبيض البكري يركض من ذاك الأسود المعتدي

_ رفعت أسد .. ستفنى أنت و تبقى حماة أبدا ! _

.,.

مخطط المجزرة الشهير , و فاعلها وقائد قواتها , لا أرى بدا من الحديث عنه رغم كرهي و حقدي

لاحقت قوات هذا الحيوان كل من كان يصرح بالشهادة لله , فكان منهم خالي الأصغر , والذي كان عمره حينها لم يجاوز الستة عشر ربيعا
جرت مجريات القصة قبل أحداث شباط بشهر أي في شهر 12 من عام 1981 ..

كان خالي يومها في صفه وكان يدرس " البكالوريا " حين دهمت خفافيش الموت المدرسة و أرادت اقتحام صفٍّ بعينه , و ادّعت أن كلّ طلاب الصف من الإخوان المسلحين و المتآمرين على شرف الوطن !
 " مع العلم أن كبيرهم لم ينهي عامه السابع عشر بعد ! "

كان طلاب هذا الصف بغالبيتهم ينتمون للفوج الرابع من الكشافة , و كان أعضاء هذا الفوج جلّهم من الملتزمين الحافظين لكتاب الله
وكذا كان خالي , حيث كان من حُفّاظِ القرآن و يتردد على المساجد بين الحين و الآخر ليؤذن بصوته العذب فيها
و كانت كثيرا ما تجود عليه قريحته بشعر لغزل النبوة فينظم القصائد , كما أن له نشاط في مجال الخط العربي حيث أعدّ مع زميل له ووالد زميله كتابا يُعلم الخط العربي بفنونه و كان الكتاب على وشك الإصدار لكن ...!

دهمت القوة تلك المدرسة , طالبوا المدير بأخذهم لصف الطلاب ذاك , سمع مدرس بالأمر ولأنه حموي أصيل ركض للصف و قام بتهريب كل الطلاب منه و أخبرهم أنهم مطلوبون للموت !
هرب خالي و رفاقه و لم يعودوا لدورهم خوف الكمائن !
بقي بعيدا عن أهله لا يعلم عنهم شيئا ولا يعلمون !
كان له أخٌ آخر  " هو خالي الكبير " يدرس الهندسة في جامعة حلب ,
 هم الجند منزل جدي واقتادوه لحلب , و أوقفوه بباب المنزل الذي استأجره خالي الكبير ذاك , فتح خالي الباب لوالده فأصبح ووالده و بقية الشبان أسارى !!

حاولوا إخضاع خالي الهارب بأبيه و أخيه و قد نال الاثنان ما نالاه من تعذيب ..
 و تنقل حالهما بين الدولاب وبساط الريح و الجنازير ووو
لكنهم صدقا لم يكونوا على علم بمكان خالي فأفرج عن جدي أخيرا وبقي خالي الكبير رهينا  ..
تتالت الأيام و توالت .. وبعد ما يقارب الـ 20 يوم دق الجند باب بيت جدي و طلبوا منهم أحدا للتعرف على جثة ما !!

ذهبت خالتي معهم دخلت المشفى , فغرفة برادات الموتى ..
تروي خالتي فتقول :
  دخلت غرفة البرادات و كأني دخلت جنينة كلا فلل و ياسمين , الريحة كانت حلوة كتييير , فتحولي باب تلاجة من التلاجات وورجوني جثة متفحمة ! ما قدرت ميز منها شي غير انو المسك كان بفوح منها بشكل مو طبيعي !
دورت وقلبت فيها كتير للقيت الشامة اللي أكدتلي انو هالشهيد أخويي " !!!

سألَتْ خالتي عن كيفية الوفاة , فأجابوها :
  هالإخونجي العميل ميفجرنا و يحاربنا بالرصاص و القنابل والله قصفو من عندو و فجر فيه الحزام " !

استلمت خالتي الجثة ثم ركضت للفرع الذي احتجزوا فيه خالي الكبير فأخرجته وفي هذي الأثناء تولت جدتي و خالتي الصغرى تمزيق و تحطيم كل مقتنيات ومؤلفات خالي الشهيد ذاك خيفة الدهم من جديد ...

رفعت أسد :: " سأجعل التاريخ يكتب ( كان في مدينة اسمها حماة ) !
بقيت حماة و أنت فنيت
صمدت حماة و أنت خضعت
شمخت حماة و أنت ركعت
تدوم حماة و تموت أنت
فمن اليوم أبقى ؟؟ ومن اليوم أزهى و قد شخت أنت و بقيت هي كعروس معتقة ؟!

تثبت الأيام و تثبت التجارب أن الموت لا يقهر الحياة , و أن أشد حلقات العتمة ضيقا , هي أوسع دوائر الفرج

رفعت ..
اليوم حماة هي من يكتب التاريخ و بالقلم العريض تكتب :


" قد مر في زماني خنزير .. ناطحني فكسرته وما كسرني , بل كانت استراحة محارب , وسوف لن أذكر اسمه لأنه لا مكان في تاريخي لحيوانات .. "


... و للأحداث بقية


" تمتمات ناعورة "
الثلاثاء 31 / 1 / 2012 م .. 9:33 صباحا 

هناك تعليق واحد:

  1. وأين الثأر ؟ كيف هو حي حتى الآن بعدما أقررتم بجرائمه ؟ ألم يمضي على جرائمه أكثر من خمسة وعشرين عاماً ؟ ألم يستطع أحد ضحاياه النيل منه في منفاه ؟ صدقوني كان يستحق الموت منذ زمن بعيد وهذا ما جرأ أخوه وابن أخيه الفاسق للفتك بشعب أعزل .....

    ردحذف